تجربة سلمى مع السكري

تجربة سلمى

قصص تجربتي مع السكري

"مرحبا سلمى، معك المختبر، نتصل بك لاننا وجدنا ان نسبة السكر في دمك مرتفعة، و كذلك الامر بالنسبة للاجسام الكيتونية، نحن في انتظارك على الساعة الثالثة مساءا في الطابق الرابع من المستشفى، و نرجو ان تجهزي نفسك لانه من المتوقع بقاؤك عندنا لاربعة ايام."

كنت واقفة على الشرفة، ارتشف القهوة عندها، كانت هذه اول مرة التقي فيها برفيق حياتي الجديد (النوع الاول من داء السكري)، 

اطلق عليه اصدقائي و افراد عائلتي عليه لقب "ديدي" لاحقا. كان ديدي دائما حاضرا لكنني لم اكن اشعر بوجوده، فقد كان يظهر على هيئة عطش شديد، و رغبة في التبول كل 30 دقيقة، ارهاق لايمكن تفسيره، فقدان للوزن، و رغبة شديدة في تناول السكر.

الساعة 14:30 انا في الطابق الرابع من المستشفى، قابلتني المرضة و طلبت مني انتظار دوري، انا جالسة مع زوجي، و لا ارى امامي سوى حقيبتي التي وضعتها بين قدمي، كنا نحاول التقليل من شان الموقف، لكن لا احد منا كان يدرك اين ساذهب، و ماذا سيحدث لاحقا.

دقت الساعة 15:00، دخلت الغرفة و قامت الممرضة بتركيب القنية في ذراعي اليسرى، و اخبرتني بانها ستبقى في ذراعي لـ48 ساعة كاملة، وانني لن اتمكن من الاستحمام  لانهم لن يقوموا بنزعها. عندما اخبرني الطبيب بانني اعاني من داء السكري، كان اول شعور يتملكني هو الخوف، الخوف من انني لم اعد قادرة على تناول مااريد، الخوف من انني لن اتناول السكريات التي احبها مجددا، ثم تشكلت سلسلة من الاسئلة التي لم اتمكن من الاجابة على ابسطها، اتذكر ان اول سؤال طرحته على الطبيب كان: هل ساتمكن من انجاب اطفال؟ 

بعد الخوف، كان الشعور الذي تلاه، هو عدم القدرة على الاستيعاب، لماذا انا؟ مالذي فعلته؟ لماذا الان؟ كان السبب وراء هذه الاسئلة هو انني كنت امارس الرياضة دائما، و لم اكن ادخن، بل وكنت احافظ على نظام غذائي متوازن.

في الليالي الاولى التي امضيتها في المستشفى، اصبت بانخفاض شديد في نسبة السكر في الدم، لان جرعات الانسولين الاولى كانت قوية جدا، مازلت اتذكر الوخزات التي كنت اشعر بها في اطراف اصابعي كل ساعتين في الصباح و الليل، ثم كل اربع ساعات، لتستمر في التباعد شيئا فشيئا.  

مرت الايام سريعا، واصبحت احس بالراحة اكثر كل يوم، لان الحجم الهائل من المعلومات التي تلقيتها جعلتني اشبه الامر بانه مجرد عادة تتعلق بالنظافة الشخصية، يجب ان اهتم بصحتي لانه لا حل اخر لدي، بل كنت اعلم انه لم يبق لدي سوى خيار واحد فاما ان اجعل من ديدي صديقا، او انه سيصبح عدوا لي، قررت ان ارى الجانب الجيد من هذا المرض، حتى لو كان الامر صعبا، فمن الافضل ان تبقى ايجابيا، حتى عندما تكون هناك اوقات اصعب من غيرها.   

انا اليوم اتابع حالتي جيدا، و اراقب نسبة السكر في جسدي كما طلب مني ان افعل، لم اعد اخافه كما كنت افعل، اذا انخفضت نسبة السكر في جسدي فلا اذعر، بل احاول معرفة سبب حدوثها، و عادة ما يكون السبب هو جرعة غير مناسبة من الانسولين، يشبه الامر حالة ارتفاع نسبة السكر في الدم، و هو امر نادر و لكنه يخيفني اكثر قليلا، في النهاية يجب ان اعترف ان اكثر شيء افتقده هو تناول الطعام بكل عفوية كما كنت في السابق، اما اذا كان يجب علي ايجاد ميزة لما حدث لي، فانني قد تعلمت الاستماع لنفسي، و خاصة الاستماع لجسدي قبل كل شيء. 



تجربة سلمى مع السكري
الدكتور مكي هيثم

تعليقات

google-playkhamsatmostaqltradent