هل يمكن الشفاء من داء السكري ـ موقع سكري

 هل يمكن الشفاء تماما من داء السكري

اذا كنت تعاني من مرض السكري، او تعرف احدا مصابا به، فانت تعلم ان علاجه يمكن ان يغير الحياة اليومية للمريض تماما. لكن للاسف، فالعلاجات المتوفرة حتى الآن تسمح بالتعامل مع نسبة السكر المرتفعة في الدم فقط، و لا يوجد علاج نهائي لداء السكري يسمح بالشفاء التام، و علاج مريض السكر حاليا يعني استمرار المريض في تناول الادوية طوال حياته.

الاخبار الجيدة؟ بفضل الكم الهائل من الابحاث الحالية حول داء السكري، فقد ظهرت العديد من العلاجات الجديدة في الافق. وبالنسبة لمرضى النوع الثاني من داء السكري، فقد اصبح من الممكن الدخول في مرحلة التعافي، وان كانت لا تعني ان المريض قد شفي تماما، الا انها تعني بان نسبة السكر في الدم قد عادت الى المعدل الطبيعي. وهو ما يسمح للمريض بتجنب مضاعفات السكري و الحالات المرضية المتعلقة به.

الشفاء من داء السكري
لذا اذا كنت ترغب في معرفة اهم العلاجات المتوفرة حاليا، للحد من آثار السكري و تبسيط ادارة حالتك الصحية و تسهيلها، فموقع سكري يضع هذه المعرفة بين يديك في هذا المقال.

داء السكري باختصار

داء السكري هو حالة صحية تتميز بارتفاع نسبة السكر في الدم فوق الحدود الطبيعية لها، يستخدم الجسم في العادة الجلوكوز (السكر) كمصدر اساسي للطاقة، حيث ينتقل الجلوكوز الموجود في الدم الى الخلايا بواسطة هرمون ينتجه البنكرياس، و هذا الهرمون هو الانسولين.

لكن عند الاشخاص المصابين بداء السكري فان الجسم لا ينتج ما يكفي من الانسولين، او ان الخلايا لا تستخدمه بشكل جيد، فنقول ان حساسية الخلايا للانسولين ضعيفة، مما يعني ان الكثير من الجلوكوز الذي يحصل عليه المريض من الاغذية المختلفة التي يستهلكها، يبقى في مجرى الدم، و لا ينجح في تغذية الخلايا و الانسجة التي تحتاج اليه لانتاج الطاقة.

مع مرور الوقت، يسبب ارتفاع نسبة السكر في الدم الكثير من المشاكل الصحية و المضاعفات.

انواع مرض السكري

لمرض السكري انواع مختلفة، و فيما يلي اكثر انواع مرض السكري شيوعا، مع اسبابها:

النوع الاول من مرض السكري: يصيب هذا النوع 5 الى 10 بالمئة من مرضى السكري، ويعتبر احد الامراض الذاتية المناعة، وهي الامراض التي يعمل فيها الجهاز المناعي بشكل مفرط فيهاجم خلايا الجسم السليمة، و حسب العضو المصاب تظهر امراض مختلفة، و في حالة السكري فان العضو الذي يهاجمه الجهاز المناعي هو البنكرياس، العضو المسؤول عن انتاج الانسولين.

يحتاج المصابون بالنوع الاول من مرض السكري الى حقن الانسولين (او مضخة الانسولين) طوال حياتهم.

النوع الثاني من مرض السكري: و يحدث عندما لا ينتج الجسم كمية كافية من الانسولين، او ان حساسية الخلايا للانسولين تكون ضعيفة، حوالي 90 الى 95 بالمئة من مرضى السكري مصابون بالنوع الثاني.

مرحلة ما قبل السكري: تظهر عندما تكون نسبة السكر مرتفعة عن الحد الطبيعي، غير انها ليست مرتفعة الى الحد الذي يسمح بتشخيص الاصابة بمرض السكري، و تعتبر مرحلة ما قبل السكري نوعا مبكرا و قابلا للشفاء من داء السكري النوع الثاني.

 سكري الحمل: وهو اصابة النساء الحوامل بالنوع الثاني من مرض السكري اثناء فترة الحمل.

انواع اخرى نادرة من مرض السكري: وفي هذا القسم نجد انواعا اخرى من مرض السكري مثل مرض السكري الناتج عن استخدام الادوية، او سكري مودي و لادا. وقد وضعنا مقالا كاملا عن هذه الانواع.

يعتبر كل من داء السكري النوع الاول، و النوع الثاني، من الامراض المزمنة، وهذا يعني ان بمجرد تشخيص اصابتك بمرض السكري، ستظل مصابا به طوال حياتك. وعلى الرغم من عدم وجود علاج يسمح بالشفاء التام، غير ان بعض المرضى قادرون على الحفاظ على نسبة السكر في دمهم في المعدل الطبيعي.

هل يوجد علاج حديث يسمح بالشفاء من النوع الاول من داء السكري 

للاسف لا توجد علاجات تسمح بالشفاء التام من النوع الاول من مرض السكري، و اليكم السبب:

النوع الاول من مرض السكري هو مرض ذاتي المناعة، و كما شرحنا سابقا، فان الجهاز المناعي يهاجم لسبب غير معروف خلايا البنكرياس المسؤولة عن انتاج الانسولين. و هذا يعني ان علاج النوع الاول يستوجب القيام بامرين: الاول هو منع الجهاز المناعي عن مهاجمة بقية خلايا البنكرياس السليمة، و الثاني هو استبدال خلايا البنكرياس التي تمت مهاجمتها بالفعل.

و على الرغم من ان الابحاث في هذا المجال واعدة، الا انه لحد الآن، لا يوجد علاج يسمح بالشفاء التام من النوع الاول من مرض السكري، و الادوية المتوفرة حاليا تسمح بالتعامل مع المرض بشكل افضل و تسهيل ذلك على المرضى، اكثر من اي وقت مضى.

فمثلا اجهزة قياس السكر المستمر، و مضخات الانسولين، تساعد المريض على ادارة نسبة السكر في الدم بشكل افضل، مع تقليل عبء المتابعة اليومية.

ماذا يقدم البنكرياس الاصطناعي لمرضى النوع الاول من داء السكري

نظام توصيل الانسولين الآلي او مايعرف بـ AID، هو جهاز ذكي يساعد في الحفاظ على مستويات الجلوكوز ضمن النطاق المستهدف، ويقوم بذلك عن طريق تكييف امداد الجسم بالانسولين مع مستويات الجلوكوز الحالية في دم المريض.

اغلب من يستخدم البنكرياس الصناعي هم الاشخاص المصابون بالنوع الاول من داء السكري، غير ان هناك بعض المصابين بالنوع الثاني ممن يستخدمونه ايضا.

تتكون انظمة توصيل الانسولين الآلية من ثلاث عناصر:

  • جهاز توصيل الانسولين (انبوب او مضخة تصحيحية)
  • جهاز المراقبة المستمرة للجلوكوز 
  • وجهاز تحليلي يحدد للمضخة كمية الجلوكوز التي يجب ان تضخها، و متى يجب عليها ذلك

تعرف انظمة توصيل الانسولين بالبنكرياس الصناعي، لانها تقوم بوظيفة البنكرياس الطبيعي والسليم، فهي تعرف تماما متى تتوقف عن امداد الجسم بالانسولين، و متى تضخ الانسولين، بعدما تراقب نسبة السكر الفعلية للمريض. مايعني تقليل وقت التعامل مع نسب السكر المرتفعة في الدم.

وفي مراجعة كبيرة اجريت في جوان 2018، وجد الباحثون ان نظام توصيل الانسولين الآلية كانت في الاغلب افضل في الحفاظ على مستويات السكر في الدم ضمن الحدود الطبيعية لها، من الطرق العلاجية الاخرى، وقد اثبتت فعاليتها ايضا اثناء تجربتها في شروط التمارين المكثفة التي قام بها المرضى.

هل عملية زراعة البنكرياس تعتبر خيارا علاجيا للمصابين بالنوع الاول من داء السكري

نعم هي كذلك، لكنها غير شائعة كثيرا، فعلى الرغم من ان زراعة البنكرياس هي الاقرب للعلاج النهائي لداء السكري، الا ان هذه الانواع من العمليات الجراحية لا يتم اجراؤها كثيرا، و ذلك لانها محفوفة بالمخاطر و صعبة التعافي، كما ان اغلب المرضى سيحتاجون الى تناول الادوية المضادة للرفض مدى الحياة، ورغم كل هذا فقد يحتاج من يقومون بهذه العملية الى اخذ الانسولين في النهاية، وقد يصابون بمرض السكري مرة اخرى. 

بالنسبة للعمليات الجراحية، فعادة ما تجرى عمليات زراعة الكلى للاشخاص المصابين بداء السكري والذين يعانون من اعتلال الكلى السكري.

هل سيجد الباحثون علاجا للنوع الاول من مرض السكري في المستقبل القريب

يعمل الباحثون بجد لايجاد علاجات جديدة لمرض السكري، ونامل انهم سينجحون في ايجاد علاج في مرحلة ما. فيما يلي، اهم المجالات التي يتم اجراء الابحاث فيها بشكل مكثف.

زراعة خلايا البنكرياس و تجديدها

بدلا من زراعة البنكرياس كاملا، يحاول العلماء زراعة ما يعرف بالخلايا الجزيرية لتعويض خلايا البنكرياس التي هاجمها الجهاز المناعي، بالنسبة للمرضى المصابين بالنوع الاول من داء السكري، و تساعد هذه العملية على نمو خلايا البنكرياس من جديد.

اذا نجحت الابحاث في النهاية، فمن المتوقع ان تصبح زراعة الخلايا الجزيرية هي العلاج الذي يقدم الشفاء التام لمرضى السكري.

العلاج المناعي

العلاج المناعي هو احد اكثر المواضيع التي تهتم بها الابحاث مؤخرا، ويهدف العلاج الى التحكم في الجهاز المناعي بايقاف نشاطه او ابطاء عمل جزء معين منه.

يتم بالفعل استخدام العلاج المناعي في حالات مرضية اخرى مثل السرطان، و الحساسية. ورغبة العلماء هي الوصول الى علاج يسمح بمنع الجهاز المناعي من مهاجمة خلايا البنكرياس، لوقف الضرر الذي تعرض له، مما يسمح ببقاء بعض الخلايا السليمة التي تعمل بشكل جيد لتواصل انتاج الانسولين، ومن الممكن ان يساعد ايقاف التلف المبكر، البنكرياس على العمل بشكل طبيعي مرة اخرى.

العلاج الجيني

يعتمد العلاج الجيني على تغيير جينات معينة في جسم الانسان، وبما ان داء السكري مرتبط بالوراثة، فقد يكون العلاج الجيني قادرا على ايقاف حدوث المرض، او تصحيح المشاكل الصحية التي يسببها.

في الوقت الحالي، لايوجد سوى بعض الامراض النادرة التي تم علاجها بنجاح باستخدام العلاج الجيني، لكن وعلى الرغم من العلاج الجيني لم يستخدم لحد الآن على البشر، الى ان تجربته على الفئران كانت ناجحة، مما جعل الاطباء يعلقون عليه امالا كبيرة.

هل يمكن الشفاء من النوع الثاني من مرض السكري

للاسف لا يمكن الشفاء التام من النوع الثاني من مرض السكري، لكن يمكن لبعض المصابين بالنوع الثاني من مرض السكري الدخول في مرحلة تعافي، وهي تعني ان نسبة السكر في دمهم تكون ضمن الحدود الطبيعية لها، على الرغم من انهم في الحقيقة مازالوا مصابين بمرض السكري.

قد تساعد تغييرات النمط المعيشي للمرضى، بممارسة النشاط البدني و الالتزام بالنظام الغذائي الصحي، على الدخول في حالة التعافي. لكن يجب ان نذكر بان مرض السكري ناتج عن مجموعة من العوامل الوراثية و البيئية مع توفر عوامل الخطر، و مع انه يمكن التحكم في بعضها، الا ان بعضها غير قابل للتحكم. 

عوامل الخطر التي يمكن التحكم فيها، تشمل ما يلي:

  • الدهون الزائدة في الجسم، خاصة حول منطقة الخصر
  • اتباع نظام غذائي غير صحي
  • الخمول و الابتعاد عن ممارسة الرياضة
  • المستويات العالية من التوتر
  • التدخين
  • قلة النوم المنتظم و الجيد

تشير الابحاث الى ان فقدان الوزن هو احد اهم العوامل المساعدة على التحكم في مرض السكري، فاما عن طريق اتباع نظام غذائي صحي، او جراحة انقاص الوزن (سنتحدث عنها في الاسفل)، قد تزيد فرص المرضى في دخول مرحلة التعافي، حسب كفاءة عمل البنكرياس و مدة اصابتهم بالمرض.

هل يمكن عكس مرحلة ما قبل السكري 

مرحلة ما قبل السكري هي ارتفاع نسبة السكر في الدم فوق الحدود الطبيعية لها، غير انها تكون اقل من الحد الذي يسمح بتشخيص الاصابة بمرض السكري. ونعم، من الممكن عكس مرحلة ما قبل السكري و تجنب الاصابة بالنوع الثاني من مرض السكري. 

تشير الاحصاءات الى ان واحدا من اصل كل ثلاثة اشخاص مصابين بمرحلة ما قبل السكري، قادر على عكسها عن طريق تغيير النظام الغذائي و ممارسة الرياضة.

هل يمكن ان تساعد الرياضة و النظام الغذائي في علاج النوع الثاني من مرض السكري

بالتاكيد، يشكل النظام الغذائي و ممارسة النشاط البدني جوهر التحكم في النوع الثاني من مرض السكري، فقد اثبتت الدراسات بانها تساعد في ابطاء مرض السكري و حتى الدخول في مرحلة التعافي، بل و تجنب مضاعفات السكري و الحالات الصحية المتعلقة به.

اظهرت دراسة صغيرة اجريت، ان ما ساعد المرضى على تغيير نمط حياتهم الصحي و الالتزام به هي العوامل التالية:

  • الحصول على التثقيف المناسب حول مرض السكري و التغذية (هدف موقع سكري)
  • الحصول على دعم اصدقائهم و افراد عائلتهم
  • الشعور بالفرق في صحتهم و الامتنان له

هل يمكن لجراحة انقاص الوزن ان تساعد في علاج النوع الثاني من مرض السكري

نعم، يمكن لجراحة معالجة السمنة او انقاص الوزن، ان تحسن بشكل كبير من الحالة الصحية لمرضى النوع الثاني من داء السكري، و الذين يعانون من ارتفاع نسبة الدهون في اجسامهم، بل و قد تعيد مستويات السكر في الدم الى نسبها الطبيعية بالنسبة لبعض الاشخاص.

الاتفاقية الطبية الدولية تنص على ان جراحة انقاص الوزن يجب ان تكون خيارا للاشخاص الذين لديهم:

  • مؤشر كتلة الجسم 30 فما فوق
  • النوع الثاني من مرض السكري
  • لم يتمكنوا من تخفيض اوزانهم او التحكم في مرض السكري رغم تغيير نمط حياتهم الصحي و استخدام الادوية

و مع ذلك فان جراحة انقاص الوزن ليست بالحل السهل تماما، لانها تتطلب التزاما شخصيا و ماليا كبيرا، بالاضافة الى ان بعض الاشخاص يصابون بعدها بداء السكري مرة اخرى. لكنها تبقى خيارا جيدا لبعض المرضى.




هل يمكن الشفاء من داء السكري ـ موقع سكري
الدكتور مكي هيثم

تعليقات

google-playkhamsatmostaqltradent