هل داء السكري قاتل - موقع سكري

 هل داء السكري قاتل

مع العلاج، يمكن لمعظم الاشخاص المصابين بالنوع الاول او النوع الثاني من داء السكري، ادارة حالتهم الصحية و التحكم في نسبة السكر في دمهم، وبذلك تجنب اغلب المضاعفات الرئيسية لمرض السكري. لكن، اذا ترك دون علاج، فيمكن ان يؤدي الى ظهور مشاكل صحية اكثر خطورة، بما في ذلك بعض المضاعفات المهددة للحياة. 

داء السكري قاتل

هل يمكن لداء السكري ان يقتلك

باختصار، الاجابة هي نعم يمكن لداء السكري ان يقتلك ان ترك دون علاج. لكن من الناحية العلمية المطلقة، فان مرض السكري لا يمكن ان يكون هو السبب الذي يؤدي الى وفاة المريض، بل المضاعفات الناتجة عن تطور المرض.
يؤكد دانييل بوير، طبيب و باحث طبي في معهد فار: "ان السبب الحقيقي للوفاة، هو مجموعة من العوامل والمضاعفات التي تتطور بمرور الوقت، ونجد ان اكثر اسباب الوفاة شيوعا عند مرضى النوع الثاني من داء السكري: امراض القلب، و السكتة الدماغية، والفشل الكلوي".
في مرض السكري لا يستطيع الجسم انتاج ما يكفي من الانسولين، او استخدامه بشكل فعال للتحكم في مستوى السكر في الدم، فيحدث ارتفاع في نسبة السكر في الدم، والتعرض المتكرر لارتفاع نسبة السكر يتسبب بمرور الوقت في العديد من المشاكل الصحية، مثل فقدان البصر و امراض القلب، و الكلى، و تلف الاعصاب.
على الرغم من ان بعض مضاعفاته يمكن ان تكون قاتلة بمرور الوقت، الا ان مرض السكري في حد ذاته لا يسبب الموت المفاجئ. اما انخفاض نسبة السكر في الدم و الحماض الكيتوني السكري فقد يسببان الموت المفاجئ، لكنها حالات نادرة ويمكن علاجها ان تم اكتشافها في الوقت المناسب.
في حالات نادرة ايضا، يمكن ان يسبب اعتلال الاعصاب السكري الموت المفاجئ الناتج عن الاصابة بالعدوى، حيث يفقد المرضى قدرتهم على الاحساس و الشعور بالالم خاصة في اطرافهم السفلية، مما يصعب عليهم ملاحظة تعرضهم للاصابة وادراك خطورتها، واذا لم يتم علاج الجراح في الوقت المناسب فيمكن ان تتطور الى عدوى الغرغرينا، و التي قد تسبب الموت المفاجئ نتيجة تطورها الى تعفن الدم اذا لم يتم علاجها والتعامل معها بشكل ملائم.

كم عدد الاشخاص الذين يموتون جراء مضاعفات السكري في كل عام

تم ادراج مرض السكري كسبب اساسي في 87.647 حالة وفاة سنة 2019، و تم ذكره كسبب للوفاة في 282.801 شهادة وفاة اجمالا. على سبيل المثال، في سنة 2020، صنفت مراكز السيطرة على الامراض والوقاية منها، مرض السكري على انه السبب الثامن الاكثر شيوعا للوفاة في الولايات المتحدة.

ماهي الاعضاء الاكثر تضررا نتيجة تطور مرض السكري

بغض النظر عن الاصابة بالغرغرينا، يمكن ارجاع اغلب الوفيات الناجمة عن مرض السكري الى المضاعفات الناتجة عن ارتفاع نسبة السكر في الدم لفترة طويلة من الزمن، حيث يؤدي التعرض المتكرر لها على المدى الطويل الى تلف الاعصاب و الاوعية الدموية، متسببة في النهاية في العديد من المشاكل الصحية المهددة لحياة المريض.

مشاكل القلب و الاوعية الدموية: يمكن ان يؤثر مرض السكري على القلب و الاوعية الدموية بطرق مختلفة، غالبا ما يسبب زيادة مستويات الكوليستيرول وارتفاع ضغط الدم، وكذلك تصلب الشرايين، فيؤدي تلف الاعصاب و الاوعية الدموية لاحقا، الى ارتفاع خطر الاصابة بالنوبة القلبية و السكتة الدماغية بنسبة كبيرة.


اعتلال الكلى: ارتفاع نسبة السكر في الدم يمكن ان يؤدي الى تلف الاوعية الدموية والنفرونات (عضيات صغيرة تساعد على تصفية الدم) في الكلى، فيبدا الفشل الكلوي في التشكل بمرور الوقت. واذا لم يتم علاج الفشل الكلوي عن طريق غسيل الكلى او عملية زرع الكلى فانه يصبح قاتلا.


الحماض الكيتوني السكري: يساعد الانسولين الجلوكوز على الدخول الى الخلايا لتستخدمه كوقود يسمح لها بانتاج الطاقة اللازمة لاداء وظيفتها. عندما تكون مستويات الانسولين منخفضة للغاية و لا تتمكن الخلايا و الانسجة من الحصول على الجلوكوز الذي تحتاجه، يبدا الجسم في حرق الدهون بدلا من ذلك، ليستخدمه كمصدر للطاقة. يؤدي هذا التغيير الى حالة تسمى الحماض الكيتوني، حيث يصبح الدم حامضيا للغاية بالاضافة الى احتوائه على نسب عالية من الجلوكوز. يؤدي الحماض الكيتوني السكري الى فقدان الوعي، وحتى الموت في النهاية. غالبا يكون الحماض الكيتوني السكري اكثر شيوعا عند المصابين بالنوع الاول من مرض السكري.

تلف الاعصاب: قد يؤدي ارتفاع نسبة السكر في الدم على المدى الطويل الى تلف الاوعية الدموية المسؤولة عن تغذية الاعصاب، فتظهر الاعراض على حسب نوع و مكان الاعصاب المتضررة، فيشعر المريض غالبا بالوخز او التنميل او الالم خاصة على مستوى اليدين و القدمين. او يصاب بالغثيان والقيء او الاسهال و الامساك اذا كانت الاعصاب المتضررة هي المسؤولة عن التحكم في الجهاز الهضمي على سبيل المثال. كما قد تمر الاصابات دون ان يلاحظها المريض لان احد خصائص اعتلال الاعصاب السكري هو انخفاض وظيفة الاعصاب المسؤولة عن الشعور بالالم، مما يزيد من خطر الاصابة بعدوى الغرغرينا، و التي قد تطلب تدخل العلاج الجراحي لبتر الجزء المصاب بها قبل ان تنتشر و تصبح مهددة لحياة المريض. 

انخفاض نسبة السكر في الدم: عندما تنخفض نسبة السكر في الدم بشكل كبير، تؤدي الى ظهور اعراض عصبية واخرى جسدية تتشكل بسرعة، من بين اكثر الاعراض الشائعة نجد: التعب، الجوع، الغثيان، الصداع، تشوش الرؤية، عدم القدرة على التركيز.
اذا لم يتم علاجه، فان انخفاض نسبة السكر في الدم يمكن ان يحرم الدماغ من الجلوكوز الذي يحتاجه للعمل بشكل سليم، فيتسبب في النهاية في الدخول في حالة غيبوبة وحتى الموت.

مرض آلزهايمر: اظهرت الدراسات ان كبار السن المصابين بالنوع الاول من مرض السكري هم اكثر عرضة بنسبة 93٪ من غيرهم للاصابة بالخرف. حتى ان بعض افراد المجتمع الطبي قد اقترحوا تسمية مرض آلزهايمر بالنوع الثالث من مرض السكري، نظرا للصلة القوية التي تربط ارتفاع نسبة السكر في الدم بارتفاع خطر الاصابة بالخرف. يعد مرض آلزهايمر السبب الاكثر شيوعا للاصابة بالخرف.

الامراض النفسية: وفقا لمراكز السيطرة على الامراض و الوقاية منها، فان الاشخاص المصابين بداء السكري يكونون اكثر عرضة للاصابة بالاكتئاب من الاشخاص الغير مصابين بمرتين الى ثلاث مرات، واكثر عرضة للاصابة بالقلق و التوتر بنسبة 20٪.
يمكن ان تساهم هذه الانواع من مشاكل الصحة النفسية في تفاقم بقية اعراض مرض السكري، مما يؤدي الى تضخم حالة الاكتئاب بدورها و تشكل حلقة مفرغة، قد تنتهي بظهور افكار انتحارية.

 فقدان الرؤية: بمرور الوقت، يمكن ان يؤدي مرض السكري الى تلف العينين و يتسبب في ظهور الجلوكوما، او اعتام عدسة العين، او اعتلال الشبكية السكري. وعلى الرغم من ان هذه الحالات الثلاث لن تقتلك، الى ان جميعها قد يتسبب في فقدان البصر في النهاية و زيادة خطر الاصابة بالاكتئاب.

ماذا يحدث اذا لم يتم علاج مضاعفات داء السكري

احد المشاكل المميزة للنوع الثاني من مرض السكري، هو صعوبة اكتشاف الاعراض المبكرة، فيمكن ان يتطور المرض لسنوات قبل اكتشافه، بحلول ذلك الوقت، ولسوء الحظ، سيكون الضرر قد حدث بالفعل. لكن تغيير نمط الحياة بما في ذلك ممارسة الرياضة و تغيير النظام الغذائي، الى جانب العلاجات الطبية، يمكن ان يساعد على وقف تطور المرض واصلاح بعض الاضرار التي اصابت الانسجة و الاعضاء المختلفة.
تشمل الاعراض المبكرة لمرض السكري الغير معالج ما يلي:
  • العطش الشديد
  • كثرة التبول
  • الصداع 
  • رؤية ضبابية
  • الشعور بالتعب او الضعف
  • التهيج او تغيرات المزاج
  • تاخر شفاء الجروح او التقرحات
  • الاصابة بالعدوى بشكل اكثر من المعتاد
  • فقدان الوزن الغير مبرر
  • خدر او وخز في اليدين او القدمين
  • الجلد الجاف
  • الكيتونات المرتفعة في الدم (يمكن الكشف عنها عن طريق اجراء اختبار البول)
  • الارتفاع المتكرر لنسبة السكر في الدم
مع تقدم مرض السكري وحدوث المزيد من الضرر للاوعية الدموية والاعصاب، و الاعضاء بشكل عام، تصبح المضاعفات اشد خطورة، و عادة ما تكون الاعراض في هذه المرحلة اكثر وضوحا، فينتبه مريض السكري الى اصابته بالمرض.

بدون علاج، ستستمر آثار مرض السكري في التسبب في الاضرار بشكل ثابت وبطيء نسبيا، مما يؤدي الى ظهور مضاعفات اخطر مثل فقدان الرؤية، مشاكل الجهاز الهضمي، مشاكل المثانة، عدم القدرة على الانتصاب، القدم السكرية، و التدهور المعرفي. وكلها تعتبر مؤشرات على ان مرض السكري يزداد سوءا. في نهاية المطاف و على مر السنين، تظهر المضاعفات المهددة لحياة المريض سواء كانت النوبات القلبية ام السكتة الدماغية او الفشل الكلوي او الحماض الكيتوني القاتل. 

نصيحة موقع سكري

الخبر السيء هو ان مرض السكري قد يقتلك ان ترك دون علاج، اما الخبر الجيد فهو انه احد اكثر الامراض قابلية للتحكم، بل حتى ان الوقاية من النوع الثاني من مرض السكري ممكنة جدا.
تتمثل الادارة الجيدة لمرض السكري في جدولة فحوصات منتظمة وصياغة خطة علاجية مع مقدم الرعاية الصحية الخاص بك، خاصة اذا كان لديك تاريخ عائلي لمرض السكري او واجهت بعض عوامل خطر الاصابة بالمرض مثل زيادة الوزن، او الخمول و الابتعاد عن ممارسة النشاط البدني، او تجاوز سن الـ45 سنة، او سوابق الاصابة بسكري الحمل بالنسبة للنساء.

ويتمثل جوهر الوقاية من مرض السكري او ادارته بعد الاصابة به، في اتخاذ خطوات ثابتة لاتباع نمط حياة صحي، بما في ذلك فقدان الوزن الزائد و ممارسة النشاط البدني بانتظام، واتباع نظام غذائي صحي يحتوي على نسبة عالية من الحبوب الكاملة و البروتينات، والفواكه و الخضروات، والاطعمة الخالية من الدهون و المنخفضة الكربوهيدرات.

يمكن لهذه التغييرات في النمط المعيشي ان تساعد على ادارة مرض السكري بشكل افضل، ولكن بدون المراقبة المستمرة و الدقيقة لنسبة السكر في دمك، واخذ الادوية التي قد يصفها لك الطبيب في بعض الحالات، ستظل تعرض نفسك لزيادة خطر الاصابة بمضاعفات مرض السكري.
وكاستدلال اخير، يقول الدكتور بوير:"على الرغم من انه لا يمكن التنبؤ بدقة بالمدة التي يمكن لمريض السكري ان يعيشها دون علاج، الا انه كلما تمت السيطرة على المرض بشكل جيد، كلما كانت التوقعات افضل فيما يتعلق بالصحة ونوعية حياة المريض على المدى الطويل".








هل داء السكري قاتل - موقع سكري
الدكتور مكي هيثم

تعليقات

google-playkhamsatmostaqltradent